ما نيتك الحقيقية، يا أخي الحبيب؟
بسم الله الرحمن
الرحيم
أخي الحبيبَ الكريمَ - جعلني الله سبحانه
وتعالى وإياك من المتحابِّيْن والمتآخِيْن فيه - قبل كل شيء، أحبُّ أن أذكِّر نفسي
وإياك بأن نخلصَ نياتِنا ومقاصدَنا في كل شيءٍ من عملٍ أو قولٍ أو حالٍ أو غيرِ
ذلك. وقبل أن تواصِلَ التجوُّلَ والتنزُّهَ والاستفادةَ من هذا الموقع – إن شاء الله تعالى – عليك أن تسأل نفسك وتحاسبَها بكل صدقٍ قائلا
في نفسك: «ما نيتي وما قصدي في استخدام الإنترنيت؟ وماذا أريد من خلالِ تجوُّلي
ونظري في هذا الموقع؟ وهل أفعل ذلك لله عز وجل أو لغيره من المقاصد الدنيئة غير
المرضية عند ربي المطَّلعِ على سرائر قلبي وخفايا نفسي؟»
فتنبيهًا لنفسي ولكل واحد من عباد الله وإمائه سبحانه وتعالى أن هذا
الموقع لا يُقْصَدُ منه السبُّ والشتمُ والجدالُ بالباطل والمماراةُ وكشفُ عوراتِ
الناس وعيوبِهِمْ واغتيابُهم وغيرُ ذلك من الأغراض المحرمة والضارة.
وإنما الغرضُ والقصدُ من هذا الموقع هو بيانُ الحق ونُصرتُه، والدعوةُ
إلى اللهِ بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ والمجادلةِ بالتي هي أحسنُ، ابتغاءَ وجهِ
اللهِ سبحانه وتعالى وحده لا شريك له، وطلبًا للأجر والمثوبةِ عنده سبحانه وتعالى،
مِصداقًا لقولِه تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّن دَعَا إِلَى اللهِ
وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ (سورة فصِّلت: الآية 33)،
ولِقولِ رسولِنا المصطفى سيدِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم: «الدَّالُّ عَلَى الْخَيْرِ
كَفَاعِلِهِ.» هذا الحديث رواه البزَّار عن سيدنا ابن مسعود؛ والطبرانيُّ في
الكبير عن سيدنا سهلِ بْنِ سعدٍ وسيدِنا ابنِ مسعودٍ رضي الله عنهم أجمعين. وصححه
الإمامُ السُّيوطيُّ رحمه الله سبحانه وتعالى. انظر: الجامع الصغير، للإمام
السيوطي، الحديث برقم 4246. والله أعلم.
ولمعرفةِ أهميةِ
الإخلاصِ لله سبحانه وتعالى في كل شيء، فانظر معي - أخي العزيز - إلى الحديث
الصحيح المشهور المرويِّ عَنْ
سَيِّدِنَا أَبِيْ حَفْصٍ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:
سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُوْلُ: «إِنَّمَا
الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّةِ. وَإِنَّمَا لِامْرِئٍ مَا نَوَى. فَمَنْ كَانَتْ
هِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ؛ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللهِ وَرَسُوْلِهِ.
وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيْبُهَا، أَوِ امْرَأَةٍ
يَتَزَوَّجُهَا؛ فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ.» هٰذَا الْحَدِيْثُ
رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُوْ دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ
وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَأَحْمَدُ رَحِمَهُمُ اللهُ سبحانه وتَعَالَى
أَجْمَعِيْنَ بِأَلْفَاظٍ مُتَقَارِبَةٍ، بَعْضُهَا أَطْوَلُ مِنْ بَعْضٍ، وَفِيْ
بَعْضِهَا تَقْدِيْمٌ وَتَأْخِيْرٌ. وَهٰذَا اللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ رحمه الله
سبحانه وتعالى، أَوْرَدَهُ فِيْ كِتَابِ الْأَيْمَانِ وَالنُّذُوْرِ، بَابِ
النِّيَّةِ فِي الْأَيْمَانِ، 11/580 مَعَ فَتْحِ الْبَارِيْ، حَدِيْثِ 6689.
وَلَفْظُ مُسْلِمٍ رحمه الله سبحانه وتعالى مِثْلُهُ إِلَّا قَوْلَهُ: «إِلَى
دُنْيَا»؛ فَذَكَرَهُ بِلَفْظِ «لِدُنْيَا». اُنْظُرْ: صَحِيْحَ مُسْلِمٍ، كِتَابَ
الْإِمَارَةِ، 13/47-48، حَدِيْثَ 1907. وَاللهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
هذا، وأدعو الله سبحانه
وتعالى أن يجعلني وإياكم جميعا من أهل الإخلاص حقا في الدنيا والآخرة، إنه على كل
شيء قدير، وبالإجابة جدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. آمين آمين
آمين، يا رب العالمين.
كتبه الفقير إلى رحمة الله سبحانه وتعالى ورضوانِه
وغفرانِه: أبو عبد الودود بنُ عبدِ الوهَّاب، يومَ الاثنين، 12 جُمَادَى الآخرة
1442هـ = 25 يناير 2021م